كانت الأساطير دائمًا مزيجًا عجيبًا بين الموهبة الفطرية والعمل الجاد، وبين الصدفة والفرصة.. في كل مجال يبرز القليلون ممن يملكون مفاتيح الدخول إلى عالم الخلود بمجالهم، أما كرة القدم بتعقيدها وجمالها، لا تختلف عن هذا السياق، حيث تكون صناعة الأسطورة مغامرة شاقة تبدأ بحلم صغير، لكنها قد تنتهي بتوهج يضيء ويسكن القلوب.
في أحد الأحياء المتواضعة، كان هناك طفل يحمل بين قدميه كرة بلاستيكية، تتقاذفها أقدامه وكأنها قطعة من قلبه.. كان حلمه بسيطًا وواضحًا أن يصبح يومًا ما نجمًا يردد اسمه الملايين! لكن هذا الحلم، رغم جماله، كان مجرد شرارة، فالأحلام وحدها لا تصنع الأساطير؛ إنها البداية فقط.
صناعة الأسطورة أشبه بطبخة سحرية تحتاج إلى مقادير دقيقة لا يمكن الاستغناء عن أي منها، أول تلك المقادير هو الشغف، ذاك الذي يجعل اللاعب يستيقظ في الصباح ليجري نحو الملعب، حتى وإن كان الطقس قاسيًا أو الظروف صعبة! الشغف هو من يجعل الكرة ليست مجرد أداة، بل امتدادًا للروح.
ثم يأتي الإيمان، ذاك الصوت الداخلي الذي يخبرك بأنك قادر، حتى عندما يقول الجميع إنك لست كذلك.. اللاعب الأسطوري لا يهرب من الانتقادات أو الإخفاقات، بل يحولها إلى وقود يشعل طاقته.
ولا ننسى العمل الجاد، في كل أسطورة تُروى، هناك ساعات لا تُحصى من التمارين الشاقة، أوقات يقضيها اللاعب في صقل موهبته بعيدًا عن أعين الجماهير، تلك اللحظات، رغم وحدتها، هي التي تميز الأساطير عن الموهوبين العابرين.
أهم مقادير “طبخة” الأسطورة
وأهم ما في الطبخة هو القدرة على استثمار الفرصة.. كرة القدم، كما الحياة، لا تمنح الفرص إلا لمن هم مستعدون! لحظة واحدة كفيلة بتغيير مسيرة لاعب من لاعب عادي إلى نجم خالد، شريطة أن يكون مستعدًا لها بعقلٍ يقظ وقلب شجاع، ومواقف يكون هو بطلها بما يحبه الناس ويقدرونه!
في عالم كرة القدم المصرية، يأتي اسم إمام عاشور كواحد من أبرز الأسماء التي عاشت تجربة التحول من لاعب موهوب إلى نجم متوهج -في الفترة الأخيرة-، فبداياته مع الزمالك كانت واعدة، لكنه كأي لاعب شاب، مر بفترات من الصعود والهبوط.. كان إمام عاشور نموذجًا للاعب الذي يملك الشرارة، لكنه من وجهة نظري حتى الآن مُقصر في حق موهبته وبسبب بعض الأفعال أعتقد أنه سيضيع فرصة “طبخة الأسطورة” خاصة إذا ما أحرقتها النار.
في كل ملعب، هناك آلاف اللاعبين يحملون أحلامًا مشابهة، لكن قلة فقط هم من يعرفون سر الطبخة السحرية.. الأسطورة ليست موهبة فقط، ولا مجرد قصة نجاح. إنها مزيج من شغف لا ينطفئ، وإيمان راسخ، وعمل لا يعرف الكلل، وقبل كل ذلك عقلية مختلفة مواكبة لـ “الطبخة”.
لأي شخص بشكل عام يطارد حلمه لا تخف من الفشل، ولا تهرب من الألم.. كن مستعدًا للحظة التي تختارك! في النهاية، “الأسطورة” من يقف على قمة المجد، ليس لأنه لم يسقط أبدًا، بل لأنه نهض في كل مرة وسار نحو حلمه حتى النهاية.
التعليقات