في زاوية بعيدة من حياة كلاسيكية، وُلد حلم كبر مع صاحبه كالنبتة التي تشق طريقها بين الصخور، تبحث عن الشمس رغم كل العتمة.. كان طفلًا يحمل في قلبه بذرةً صغيرة، لكنها مضيئة كنجمة تختبئ خلف الغيوم، تنتظر لحظة السطوع.. كان حلمه أشبه بلوحة يرسمها في مخيلته بألوان الأمل، رغم أن أيدي الواقع حاولت كثيرًا أن تمحو ملامحها! لقد آمن أن للسماء أبوابًا، وأن من يطرقها بشغف وإصرار ستفتح له يومًا، مهما طال الانتظار.
في حي المعادي بالقاهرة وسط زحام المدينة، كان هناك طفل صغير يُدعى عمر، يمتلك عيونًا تلمع بشغف لا يعرف الحدود، وقدمين صغيرتين تحملان بينهما حلمًا يكاد يكون أكبر من سنه.. كان عمر ككل الأطفال، يعشق كرة القدم، لكنه لم يكن كباقي الأطفال.. عندما سُئل ذات مرة عمّا يريد أن يكون عليه في المستقبل، أجاب بثقة: “سأكون لاعب كرة مشهور”.
ضحك من كلماته المحيطين به، وقالوا إنه مجرد طفل يحلم بما هو مستحيل.. لكن عمر لم يكن يكترث للضحك أو السخرية، بل كان يرى في خياله طريقًا طويلًا، مليئًا بالتحديات، لكنه يُفضي في نهايته إلى عشب ملعب مُضاء بأنوار الكاميرات وصوت الجماهير يُدوي باسمه.
بدأت الرحلة بخطوات صغيرة.. كان يستيقظ قبل طلوع الشمس ليجري في الشوارع الخالية، يركل الكرة بمنتهي الحماس.. لم تكن الكرة مجرد لعبة بالنسبة له؛ كانت صديقته، مدرسته، وأحيانًا وسيلته للهروب من أي شيء.
في المدرسة، لم يكن عمر كسائر زملاؤه، كان يملك حماسة تُضاهي العالم بأسره.. شارك في مباريات نادي الحي، وتألق بمهاراته التي جعلت الجميع يتوقف ليشاهد.. ومع كل خطوة، كان يقترب من حلمه.
لكن الطريق لم يكن ممهّدًا.. واجه عمر مواقف جعلته يشكّ أحيانًا، لكنه لم يستسلم! كان هناك يوم صعب حين أُخبره والده بضرورة الاحتراف في أوروبا رغم صغر سنه، فهو مازال 18 عامًا.. في ذلك اليوم، جلس وحيدًا في غرفته الصغيرة، يحدق في جدرانها الفارغة، ويتحدث مع نفسه كيف سيفعل هذه الخطوة بمفرده؟ لكنه قرر أن يحارب من أجل حلمه.
النهاية دائمًا تستحق العناء
لم يشغل بال عمر أي شيء سوى النجاح في كرة القدم، بات يقتطع من وقته ليُمارس التمرين، ويقتطع من نومه ليقرأ عن حياة اللاعبين الكبار، يُلهمه طريقهم ويُغذي روحه بالأمل.
مرت السنوات، وبعد التنقل بين الأندية الألمانية.. وفي أحد الأيام، جاءت الفرصة التي ستغير حياته ويحقق حلمه الذي ما دام حلم به.. بعدما أظهر كل ما تعلمه من صبر وتضحية.. فهو يركض وكأن الملعب ملكه، إلى أن وصل لصنع الخبر الذي وصل صداه العالم أجمع: “عمر مرموش ينتقل إلى مانشستر سيتي”.
ومن الذي يريده جوارديولا هذا المدرب العظيم وكأن تصميمه على التعاقد مع مرموش يعبر عما بداخله “عمر أنت موهبة لا يمكن تجاهلها” ومرموش في تلك اللحظة، لم تُصدق عيناه ولا أذناه.. تذكّر كل الليالي التي قضى فيها يبكي، كل لحظة شعر فيها أن حلمه بعيد، وكل سخرية سمعها.
عمر مرموش، اليوم ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل رمز للذين يؤمنون بأن الطريق إلى الأحلام قد يكون طويلًا ومرهقًا، لكن نهايته دائمًا تستحق العناء.
وعند نهاية الطريق، وقف ذلك الطفل الذي صار رجلًا، ينظر إلى كل ما مضى كما لو أنه مشهد من فيلم كتب نهايته بعرق جبينه.. كان الحلم الذي عاش من أجله أشبه بطائر أسطوري، حلق فوق جبال التحديات وغاب في الضباب، لكنه عاد في النهاية ليحطّ على كتفه.. واليوم، حين تُذكر اسمه الجماهير، وتُضيء وجهه الأضواء، يُدرك أنه لم يكن مجرد رحلة حلم، بل كان قمرًا أضاء ليالي العتمة، وشعلة تحدت الرياح لتُبقي وهج الحلم حيًا.
التعليقات