المشهد الأخير.. قنبلة تحت وسادة هنية في فندق بطهران
في ليلة هادئة من شهر يوليو، وفي أحد فنادق العاصمة الإيرانية طهران، كان رئيس المكتب السياسي الأسبق لحركة حماس، إسماعيل هنية، يستعد للنوم، غير مدرك أن وسادته تخبئ نهايته. وفقًا لتقرير حديث من “القناة 12” العبرية، القنبلة التي أودت بحياة هنية كانت مزروعة بعناية في وسادته الخاصة. هذه التفاصيل الجديدة، التي كشفتها القناة مساء الخميس، تسلط الضوء على مدى التعقيد والدقة التي نُفذت بها عملية الاغتيال.
31 يوليو: يوم الاغتيال.. ضربة إسرائيلية في قلب إيران
في يوم 31 يوليو، عقب حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، لقي إسماعيل هنية مصرعه مع أحد مرافقيه إثر انفجار مفاجئ في غرفته الفندقية. رغم محاولات التكتم الإيرانية في البداية، تسربت أنباء تشير إلى تورط إسرائيلي مباشر في العملية.
تزامن ذلك مع تعليمات صارمة من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوزرائه بعدم التعليق على الحادث. إلا أن الصمت لم يدم طويلًا، إذ أقر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في 23 ديسمبر، بمسؤولية تل أبيب الكاملة عن العملية.
اعتراف رسمي غير مسبوق.. كاتس يتوعد الحوثيين بنهاية مشابهة
في خطاب ناري أمام حفل تكريمي لضباط الاحتياط، قال كاتس بوضوح: “سنقطع رؤوس قادة الحوثيين تمامًا كما فعلنا مع إسماعيل هنية ويحيى السنوار وحسن نصر الله. سنضرب البنية التحتية وسنسحق كل من يهدد إسرائيل.”
هذا الاعتراف العلني، الذي جاء لأول مرة، يمثل تحولا استراتيجيًا في السياسة الإسرائيلية تجاه تبني مثل هذه العمليات علنًا، ما يعكس ثقة متزايدة بقدرة تل أبيب على توجيه ضربات دقيقة دون خوف من العواقب.
إيران ترد.. “جريمة بشعة واعتراف وقح”
من جانبها، شجبت إيران العملية بلهجة حادة. المندوب الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرافاني، وصف الاعتراف الإسرائيلي بـ “الوقح”، مشيرًا إلى أن هذه المرة الأولى التي تقر فيها تل أبيب بشكل علني بمثل هذه العمليات.
كما أكدت الخارجية الإيرانية أن الاغتيال يُعد “جريمة بشعة” وانتهاكًا صارخًا للسيادة الإيرانية، وأن الرد لن يكون بعيدًا.
أصداء دولية.. هل يشعل اغتيال هنية فتيل حرب إقليمية؟
صحيفة “ذا جارديان” البريطانية، في تحليلها لما بعد الحادث، حذرت من أن اغتيال هنية في طهران قد يكون بمثابة شرارة أولى لحرب إقليمية أوسع، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل ومحور المقاومة.
محاولات اغتيال سابقة.. هنية هدف قديم
لم تكن محاولة الاغتيال في طهران الأولى، ففي 6 سبتمبر 2003، نجا هنية من غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلًا كان يتواجد فيه برفقة أحد أصدقائه.
منذ ذلك الحين، ظل إسماعيل هنية هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل، لكن ما حدث في طهران يُعد ذروة العمليات الاستخباراتية ضد الرجل الذي أصبح رمزًا للمقاومة الفلسطينية.
رسائل الاغتيال.. هل انتهى الصراع أم بدأ فصلًا جديدًا؟
رسائل اغتيال هنية متعددة الأبعاد، من تل أبيب إلى طهران، ومن صنعاء إلى غزة. العملية ليست مجرد تصفية لقائد سياسي، بل رسالة صارخة بأن يد إسرائيل الطويلة قادرة على الوصول إلى أي مكان، حتى في قلب العواصم الأكثر تحصينًا.
في المقابل، تبقى التساؤلات مفتوحة: هل ستلتزم إيران بالصبر الاستراتيجي أم أن ردًا مدويًا سيغير معادلة الشرق الأوسط قريبًا؟
ويعد اغتيال إسماعيل هنية بهذه الطريقة المعقدة، والاعتراف الإسرائيلي العلني به، يعيدان تشكيل قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط. ما بين تهديدات إسرائيل المستمرة وردود الفعل الإيرانية المحتملة، تبقى المنطقة فوق برميل بارود، في انتظار شرارة جديدة قد تشعل حريقًا أوسع.
التعليقات