الذكاء الاصطناعي الحسي.. هل يمكن للروبوتات أن تمتلك حواس مثل الإنسان؟


يعتمد التطور الكبير في الذكاء الاصطناعي الذي نشهده في الوقت الحالي على التطورات الحديثة في مجال التعلم العميق الذي يسمح للآلات بالتعلم تلقائيًا في أثناء التدريب. وهذا ألغى الحاجة إلى العمل الشاق في إضافة المزايا الجديدة يدويًا، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل التعلم العميق قوة محورية في الابتكار التكنولوجي والذكاء الاصطناعي.

وبالاعتماد على هذا التطور دخلت شركة ميتا المالكة لفيسبوك وواتساب وانستاجرام إلى مجال جديد من خلال تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الحسي أو اللمسي (tactile AI). وقد قدمت الشركة آخرًا ثلاث أدوات جديدة تعتمد على هذا النوع من الذكاء الاصطناعي، هي: Sparsh و Digit 360 و Digit Plexus لمنح الروبوتات حساسية للمس تحاكي بنحو كبير الإدراك البشري.

لكن ما الهدف من تطوير هذه الأدوات؟ 

الهدف الأساسي هو إنشاء روبوتات لا يمكنها تقليد المهام فحسب، بل تتفاعل بنشاط مع بيئتها، تمامًا كما يتفاعل البشر مع العالم.

إذ يُعد Sparsh نموذج ذكاء اصطناعي عام يتيح للروبوتات تفسير الإشارات الحسية والتفاعل معها لحظيًا، وأما Digit 360 فهو طرف إصبع اصطناعي للروبوتات يتضمن مستشعرًا يمكنه إدراك اللمس والأحاسيس الجسدية الدقيقة، مثل: وخزة الإبرة.

وأما Digit Plexus فيوفر إطارًا موحدًا لدمج أجهزة الاستشعار اللمسية عبر الروبوتات المختلفة التصاميم، مما يسهل جمع البيانات اللمسية وتحليلها.

تعتقد ميتا أن هذه الأدوات ستمكن الروبوتات من تنفيذ المهام المعقدة التي تتطلب “لمسة بشرية”، خاصة في مجالات مثل الرعاية الصحية، حيث تكون الدقة والحساسية ضرورية.

تأثير الروبوتات الحسية في المجتمع:

إن تطوير الروبوتات الحسية واستخدامها في المجالات المختلفة يثير تساؤلات كثيرة، أبرزها: هل يمكن أن تفتح هذه التكنولوجيا مستويات جديدة من التعاون، أم أنها ستقدم تعقيدات قد لا يكون المجتمع مستعدًا للتعامل معها؟

يقول علي أحمد، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Robomart: “مع اكتساب الروبوتات حواسًا جديدة ودرجة عالية من الذكاء والاستقلالية، سيتعين علينا البدء بالنظر في دورها في المجتمع. إن جهود ميتا هي خطوة أولية رئيسية لتزويد الروبوتات بحواس شبيهة بالبشر. ومع مرور الوقت، قد يبدأ البشر بالتعامل مع الروبوتات كرفقاء حياة، وربما بناء حياة مشتركة معها”.

وبالإضافة إلى تطوير الذكاء الاصطناعي الحسي، كشفت ميتا أيضًا عن معيار PARTNR، وهو معيار موحد لتقييم قدرات التعاون بين البشر والروبوتات على نطاق واسع. وقد صُمم لاختبار التفاعلات التي تتطلب التخطيط والمنطق والتنفيذ التعاوني، وسيُمكن هذا المعيار الروبوتات من التنقل في البيئات المختلفة مع البشر.

ويستفيد PARTNR من النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) لتوجيه هذه التفاعلات، وجعل الروبوتات شركاء حقيقيين قادرين على العمل بسلاسة مع البشر.

ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن التحديات ما تزال قائمة؛ إذ يقول  Ram Palaniappan، المدير التقني في شركة TEKsystems: “ستكون هناك حاجة إلى جهود كبيرة لتوسيع نطاق هذا البحث ليشمل التطبيق العملي في البيئات الواقعية”.

شراكات ميتا لإطلاق الروبوتات الحسية في السوق:

تتعاون ميتا مع شركتي GelSight Inc و Wonik Robotics لتطوير وتسويق هذه الابتكارات. ستتولى GelSight إنتاج مستشعر Digit 360 المقرر إطلاقه العام المقبل، وستتولى Wonik Robotics إنتاج الجيل الجديد من اليد الروبوتية Allegro التي تدعم Digit Plexus لتنفيذ مهام حساسة بدقة.

لكن ليس الجميع مقتنعًا بأن هذه التطورات تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح. إذ يقول Agustin Huerta، نائب رئيس الابتكار الرقمي في شركة Globant: “مع أن إضافة قدرات استشعار قد تكون مفيدة لفهم الروبوتات للبيئة، فإنني لا أعتقد أننا قريبون من منحها إحساسًا شبيهًا بالبشر، ولا أرى أن هذا ضروري حقًا”.

هل نحن مستعدون للتعامل مع روبوتات تشعر؟

مع استمرار تقدم صناعة الروبوتات يظهر تساؤل مهم: هل نحن مستعدون لمستقبل يمكن للروبوتات فيه “الشعور”؟ وهل ستعيد هذه التقنية تشكيل علاقتنا مع الآلات؟

يرى بعض الخبراء أن تطبيق الذكاء الاصطناعي الحسي قد يمثل خطوة حاسمة لفهم الروبوتات للعالم المادي بنحو أفضل من قبل؛ مما يمهد الطريق لمزيد من التعاون بين البشر والآلات.

ويقول خبراء آخرون إن هذه الثورة قد لا تكون مختلفة عن الثورة الصناعية، لكنها ستتطلب توعية الأجيال القادمة لتطوير علاقة صحية بين البشر والروبوتات.



التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *